توب ستوري

الدكتور حسام حسن أبو السعود يكتب.. دور آلة البيانو في أفلام الرسوم المتحركة

دور آلة البيانو في أفلام الرسوم المتحركة

تعد موسيقى الكارتون الأكثر جاذبية من بين أشكال موسيقى القرن العشرين لما تتضمنه من ألحان، إيقاعات متغيرة في السرعة بوتيرة غير منتظمة، وبصورة متتالية مؤثرة على الطفل طبقاً لأحداث المَشاهد، وما بها من فعل ورد فعل، قصص المغامرات، الجري، والقفز لشخصيات الكارتون من خلال التنويعات الإيقاعية بإستخدام قرع الطبول، أداء التآلفات بصورة فجائية، فتلك النوعية من الموسيقى تكون قادرة على إظهار قدرات المؤلف التخيلية من خلال إستخدامه لنوعية الآلات الموسيقية التي تتناسب مع متطلبات العمل، كذلك العازف الجيد على هذه الآلات، والإستعانة بالمؤثرات الصوتية، ليأخذ المؤلف ما هو مناسب لإستخدامه ضمن مواقف معينة داخل العمل.

وقد ولدت موسيقى الكارتون عام 1920م، وشهدت سنواتها الذهبية خلال فترة الأربعينيات والخمسينات قبل زيادة إستوديوهات التلفزيون، زيادة عبء العمل، وخفض الميزانية، وظهور العديد من الموسيقيين الشباب الذين ركزوا كتاباتهم لموسيقى الكارتون تحديداً، أمثال جون زورن (John Zorn)(2 سبتمبر1953م)، وصن را (Sun Ra)(1914م : 1993م) لما لهما من جذور في الإرتجال الموسيقي؛ لأن العديد من ملحني الرسوم المتحركة بدأوا أنفسهم في وقت مبكر بالإعتماد على الإرتجال في عزف آلة الأورغن، وغيرها من الآلات لمرافقة الأفلام الصامتة.

والجدير بالذكر أن تاريخ ما قيل عن موسيقى الكارتون نادراً، لسبب وحيد أنها لم تكن حتى وقت قريب نوع قائم بذاته، فقد مهدت المؤلفات الأوركسترالية والمصاحبات الآلية لوضع وتحديد تاريخ موسيقى الكارتون فضلاً عن الأغاني الحية في أفلام والت ديزني العالمية وموسيقى البوب في أفلام الإرادات العالية، وموسيقى الأغاني الساخرة التي يتميز بها أفلام الكارتون مثل كارتون (عائلة سيمبسون)(The Simpsons) عام 1989م.

ومع بداية الألفينات كتب المؤلف الموسيقي مايكل جياشينو (Michael Giacchino)(10 أكتوبر 1967م) أحد أهم وأشهر مؤلفي الموسيقى التصويرية على الساحة الأمريكية لأفلام الرسوم المتحركة العالمية فيلم بعنوان أعلى (Up)، وهو فيلم مغامرات عن الكوميدية الأمريكية من إنتاج شركة بيكسار للرسوم المتحركة، وإصدار شركة والت ديزني؛ حيث صاغ المؤلف الفكرة الرئيسية لموسيقى الفيلم التصويرية باستخدام آلة البيانو، وإيقاع الفالس الراقص ليجسد، ويربط مشاهد كفاح بطل الفيلم وزوجته في بناء منزلهما، وحياتهما الغامرة بالذكريات المُبهجة، الأليمة؛ والتعبير عن تلك الحقبة الزمنية من خلال دقائق معدودة لموسيقى التتابع تحت مُسمى الأشياء التي فعلناها (Stuff We Did).

وفي العام التالي مباشرة تم إصدار فيلم بعنوان تشيكو وريتا (Chico And Rita)، وهو من أفلام الدراما الموسيقية الرومانسية التي تدور أحداثها خلال النصف الأول من القرن العشرين تحديداً عام 1948م، حيث يروي الفيلم قصة شاب عازف بيانو ذو أحلام كبيرة جمعت الموسيقى، والرومانسية بينه وبين مُغنية جميلة بصوت إستثنائي، حيث استخدم المؤلف الموسيقي بيبو فالديس (Bebo Valdés)(1918م : 2013م) في هذا الفيلم آلة البيانو بشكل رئيسي في صورة مقطوعات للبيانو المنفرد، وفي مصاحبة الأوركسترا والغناء؛ لتجسد طابع الموسيقى في تلك الحقبة الزمنية في مختلف البلدان الأمريكية، والأوروبية من هافانا إلى نيويورك، باريس، هوليوود، ولاس فيغاس؛ أما من ناحية الطابع الموسيقي فكان منها الطابع الكلاسيكي، موسيقى السامبا، الرومبا، الجاز، البلوز، والأغاني الرومانسية ذات الألحان البراقة، كما يضم هذا الفيلم عمل وحيد من أعمال الموسيقى الكلاسيكية للمؤلف الموسيقي الشهير إيجور سترافينسكي (Igor Stravinsky)(1882م : 1971م) بعنوان الكونشيرتو الأسود (Ebony Concerto).

كما صاغ المؤلف الموسيقي جون باول (John Powell)(18 سبتمبر 1963م) العديد من أعمال الموسيقى التصويرية لموسيقى أفلام الرسوم المتحركة، والتلفزيون منها فيلم بعنوان الدكتور سيوس لوراكس (Dr.Seuss the lorax) عام 2012م، حيث إشتمل هذا الفيلم على العديد من الأغاني التي تساعد المُشاهد في استقبال وادراك الحالة المزاجية للمَشاهد بكل سهولة ويُسر؛ بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية التقليدية التي يتخللها موسيقى البيانو ليؤدي وظيفة المصاحبة الهارمونية للألحان، أو في أداء بعض التيمات اللحنية الأساسية الصغيرة.

وفي عام 2013م بدأت الفانتازيا الموسيقية تعود مرة أخرى لأفلام الرسوم المتحركة في صورتها المُستحدثة، حيث كان لهذا النوع من الأفلام أكثر من مؤلف موسيقي يشتركوا في كتابة وتأليف الموسيقى التصويرية لفيلم واحد مثل فيلم بعنوان مجمد (Frozen) عام 2013م، وهو فيلم من أفلام الفانتازيا الموسيقية للرسوم المتحركة، حيث إشترك كل من المؤلف الموسيقي روبرت لوبيز (Robert Lopez)(23 فبراير 1975م)، كريستين أندرسون لوبيز (Kristen Anderson Lopez)(21 مارس 1972م)، وكريستوف بيك (Christophe Beck)(1969م) في تأليف موسيقاه التصويرية.

وفي عام 2015م كانت الموسيقى التصويرية لأفلام الرسوم المتحركة وصلت إلى ذروتها، وأصبحت من أهم أركان لك الأفلام؛ ففي فيلم الرسوم المتحركة المعروف بإسم بالداخل بالخارج (Inside Out) عام 2015م، وهو من أبرز أفلام الرسوم المتحركة الأمريكية التي لعبت فيها الموسيقى دور كبير في تجسيد مشاعر بطلة الفيلم من فرح، خوف، غضب، إشمئزاز، وحزن، حيث استخدم المؤلف الموسيقي مايكل جياشينو طابع الموسيقى الحديثة المعاصرة لآلات النفخ النحاسية، الماريمبا، الجيتار بمصاحبة الأوركسترا الوتري الذي يؤدي الهارمونيات المصاحبة للألحان الأساسية، وذلك بالإضافة لدور آلة البيانو التي تظهر تحديداً في الفكرة اللحنية الأساسية للفيلم، والمعروفة بإسم حزمة من الفرح (Bundle of Joy)، حيث إستخدم في الصياغة اللحنية لهذه الفكرة كل من التتابع اللحني والإيقاعي في اليد اليمنى؛ بالإضافة إلى اجراء العديد من التنويعات في أداء المصاحبات في اليد اليسرى.

 

بقلم دكتور/حسام حسن أبو السعود

مدرس البيانو بقسم التربية الموسيقية

 كلية التربية النوعية

    جامعة المنيا 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى